شرح شامل لخطة التعافي المبكر للقطاع الصحي في غزة 2025–2027
تشكل خطة التعافي المبكر للقطاع الصحي في غزة خارطة طريق أساسية وضعتها وزارة الصحة الفلسطينية لإعادة بناء النظام الصحي الذي تعرض لتدمير واسع خلال الحرب. وتعكس الخطة رؤية واضحة لتجاوز مرحلة الطوارئ والتأسيس لنظام صحي قادر على الصمود، الاستجابة، والتطور على المدى الطويل.
تركز الخطة على ثلاث مراحل مترابطة: مرحلة الاستجابة الإنسانية، مرحلة التعافي المبكر، ومرحلة التعافي المستدام، حيث تمتد الفترة المحورية للتعافي المبكر على مدى 0 – 24 شهرًا وتشكل الأساس الحقيقي لبناء نظام صحي مستدام.
أولًا: الإطار العام للخطة
تشير الخطة إلى أن التعافي ليس مجرد إعادة تشغيل المرافق، بل هو عملية منظمة لإعادة بناء الوظائف الأساسية للنظام الصحي وتحسينها. ولتحقيق ذلك، اعتمدت الوزارة إطارًا مفاهيميًا يستند إلى:
- تقييم الأضرار والاحتياجات بسرعة وعمق.
- وضع أولويات واضحة للمشاريع.
- تعزيز التنسيق بين وزارة الصحة والشركاء الدوليين.
- تبنّي منهج إعادة البناء بشكل أفضل.
ثانيًا: عناصر الخطة الأساسية
1. تقييم الأضرار والاحتياجات
يعتمد نجاح التعافي على فهم دقيق لحجم الضرر الذي أصاب المرافق الصحية. وتشمل الخطة:
- التقييم السريع للبنية التحتية لتحديد المرافق التي يمكن تشغيلها جزئيًا أو إعادة تأهيلها سريعًا.
- التقييم العميق للمستشفيات المتضررة جزئيًا بهدف تقدير التكلفة وطريقة إعادة البناء.
- رسم خرائط الخدمات الصحية المتبقية وتحليل الفجوات في أسرة العناية المكثفة، الطوارئ، الحضانات، وأقسام العمليات.
2. الأهداف الاستراتيجية للتعافي المبكر
ترتكز الخطة على عشر أولويات استراتيجية، أبرزها:
- استعادة الخدمات الصحية الأساسية والمنقذة للحياة.
- إعادة تشغيل المرافق المتضررة وتوفير بدائل مؤقتة مثل المستشفيات الميدانية والوحدات المتنقلة.
- ضمان توفر الأدوية والمستلزمات والوقود والمعدات الحيوية.
- تعزيز قدرات الطوارئ والاستجابة السريعة.
- إعادة بناء وتدريب الكوادر الصحية لتعويض النقص الكبير.
- إعادة تأهيل أنظمة المعلومات الصحية وتفعيل الرقابة الوبائية.
- تحسين الحوكمة الصحية وضمان الشفافية في التمويل.
3. البرامج التنفيذية خلال 24 شهرًا
تحتوي الخطة على إطار عمل تشغيلـي مفصل، وهو الجزء الأكثر أهمية من منظور الجهات المانحة والمنفذة. وينقسم إلى ثلاثة محاور رئيسية:
أولًا: ضمان استمرارية الخدمات الأساسية
ويشمل:
- تحديث خريطة الخدمات الصحية باستمرار.
- تعزيز خدمات الجراحة، الطوارئ، العناية المكثفة، وغرف العمليات.
- تشغيل وحدات أمراض القلب والسرطان مجددًا.
- رفع القدرة الاستيعابية لأقسام الولادة والأطفال.
- تطوير برامج الصحة النفسية والدعم المجتمعي.
- دعم برامج مكافحة الجوع وسوء التغذية.
ثانيًا: إعادة تأهيل وتشغيل المنشآت الصحية
وتشمل:
- إنشاء مستشفيات ميدانية جديدة في المناطق المتضررة.
- إعادة تأهيل مستشفيات رئيسية مثل الشفاء، الرنتيسي، الأوروبي، التركي، كمال عدوان، والأماراتي.
- إعادة تشغيل وحدات الطوارئ، العناية المكثفة، الحضانات، غرف العمليات، الأقسام الجراحية.
- إزالة الركام من المستشفيات والطرق المؤدية إليها.
- إعادة تأهيل مرافق المياه والصرف الصحي وإدارة النفايات الطبية.
ثالثًا: إعادة بناء البنية التحتية الصحية بالكامل
هذا هو الجزء الأكثر تعقيدًا ويستمر إلى ما بعد 24 شهرًا، لكنه يبدأ في مرحلة التعافي المبكر عبر:
- تطوير المخطط العام الصحي (Masterplan) للمنشآت المستقبلية.
- إعادة بناء المستشفيات المدمرة بالكامل وفق معايير دولية.
- إعادة بناء 26 مركز رعاية أولية مدمر و8 مراكز تابعة للأونروا.
- إعادة بناء أكثر من 456 منشأة صحية خاصة (عيادات، صيدليات، مختبرات … إلخ).
4. التكلفة التقديرية لخطة التعافي المبكر
قدّرت وزارة الصحة تكلفة الحزمة الأولى للتعافي المبكر خلال سنتين بـ:
650 مليون دولار
موزعة على سبع تصنيفات رئيسية:
- البنية التحتية والإنشاءات – 30%
- الأجهزة والمعدات الطبية – 13%
- نظم المعلومات الصحية – 3%
- الموارد البشرية – 27%
- الأدوية والمستهلكات – 15%
- الخدمات الصحية (خاصة النفسية) – 5%
- اللوجستيات والدعم – 7%
5. المبادئ الحاكمة لتنفيذ الخطة
تؤكد وزارة الصحة على التزامها بعدة مبادئ أساسية لضمان نجاح التعافي، أهمها:
- عدم التسبب بالضرر
- العمل التدريجي ومتعدد المراحل
- التركيز على الفئات المهمّشة والأكثر ضعفًا
- دمج المجتمع في التخطيط والتنفيذ
- التنسيق مع الشركاء الدوليين وفق رؤية وطنية موحّدة
- اعتماد أفضل الممارسات الدولية في بناء الأنظمة الصحية
الخلاصة :
تمثل خطة التعافي المبكر للقطاع الصحي في غزة وثيقة استراتيجية واسعة وشاملة، تهدف إلى:
- إنقاذ ما تبقى من النظام الصحي.
- إعادة تفعيل الخدمات الأساسية بأسرع وقت.
- وضع أسس قوية لإعادة الإعمار المستدام لسنوات قادمة.
- بناء نظام صحي resilient قادر على مواجهة الأزمات المستقبلية.
وتعدّ هذه الخطة اليوم المرجعية الأساسية لكل منظمة دولية أو محلية تسعى للمساهمة في دعم القطاع الصحي في غزة، بما توفره من وضوح في الأولويات، توزيع التكلفة، الجداول الزمنية، واحتياجات كل مرفق على نحو دقيق.
للإطلّاع على المقارنات والمفارقات بين واقع الحال قبل الحرب وبعده, فتستطيع النقر هنا